بسم الله الرحمن الرحيم
تبسيط مسرحية إيزيس
التبسيط يحملنى إلى شواطىء أدب
الكاتب الكبير توفيق الحكيم
مقدمة :
علمنا أستاذنا الكاتب الكبير توفيق الحكيم :
* أن الأدب هو الكاشف الحافظ للقيم الثابتة فى الإنسان والأمة ، الحامل الناقل لمفاتيح الوعى فى شخصية الأمة والإنسان ، تلك الشخصية التى تتصل فيها حلقات الماضى والحاضر والمستقبل ...
* والفن هو المطية الحية القوية التى تحمل الأدب خلال الزمان والمكان ...
* والأدب بغير فن رسول بغير جواد فى رحلة الخلود ...
* والفن بغير أدب مطية سائبة بغير حمل بين الرسول وجواده ...
* ولقد رأيت دائماً الأدب مع الفن ، والفن مع الأدب
(توفيق الحكيم)
من هنا كانت دفقة البداية والمسئولية هى (التبسيط) لجسر التواصل بين أدب الكاتب الكبير توفيق الحكيم وأطفالنا الأوكسجين النقى والأناشيد العذبة الشجية ، تناغم الحياة الصافية الخالية من الشوائب والصخب .
لون السماء فى قلوبهم والاخضرار يسكن أحاسيسهم . أطفالنا يطلون علينا من نافذة السماحة والصدق .
تمتزج مشاعرهم ببراءة الطبيعة وجمالها وصفوها .
لقد انفرط العقد اللولى يزف الحروف على السطور ويشق عالم الأطفال بأدب أستاذنا الكبير توفيق الحكيم ... وكانت المسئولية التى تجمع بين السعادة والخوف فى آن واحد تقع على عاتقى ، السعادة لخوض التجربة الرائعة ، والخوف من أمواج بحور أستاذنا توفيق الحكيم ...
شواطىء = ضفاف
لقد عزمت على البدء ووجهت شراعى ومجدافى وحملت أدواتى وأمتعتى وتجربتى ... لعلنى أصل إلى شواطىء أدب أستاذى توفيق الحكيم بنجاح وسلام .
بدأت فى قراءة أغلب أعمال كاتبنا العبقرى من جديد حتى أسافر معه فى عالمه مرة أخرى ، وبعد أن استنشقت هواءه وشملنى فكره وتمكنت من أمور السباحة فى عبقريته ... سلمت عقلى وعيونى إلى مسرحية (إيزيس) أمسكت بقلمى الرصاص بعد قراءتها وتعاهدنا على أمانة التلخيص وعدم تغيير المضمون أو السرد الحدثى لفكرة المسرحية ، ولكن الشخصية التى طويت بعض سطورها هى شخصية العمدة حيث أن سلوكه ملتوٍ وغير سوى ؛ يغازل سيدات البلدة فتحاشيت ألاعيبه وأشفقت على الطفل منها ، ودخلت من باب المضمون الأساسى للشخصية ...
لقد استقبلنى إيزيس بحفاوة بالغة سحبت من قلبى الارتجاف وأزاحت عنى جبل الحيرة ، وأسكنتنى عرش زمانها وتوجتنى بقوتها ، فلقد اخترتها بالتحديد لأصطحب أطفال مصر الحبيبة إلى عالمها الأسطورة ومقومات شخصيتها المثالية ... وضعت على رأسى الحناء مثلما كانت تفعل المرأة الفرعونية كى أخرج من الحاضر إلى الماضى وأعود بشمس عفية تسرى فى فكرى وذاتى .
أحسست أن إيزيس تدخلنى ، تحادثنى ، تزفنى بطقوسها إلى عالمها تجول بى فى عصرها الفرعونى ....
إيزيس المرأة الحلم ، الاستثناء ، رمز القوة والعطاء والوفاء نفحة الفراهنة أجدادى .
سافرت مع تجربتها وكأنما قمر النيل يدخلنى بنغماته ، تحملنى موسيقاه للحن إيزيس الفراشة بقلبها الذى تشرق له تفاريح الكون ، وعقلها المقتدر ، وروحها التى تصادق الوجود فى حوارية التناغم ، تفترش الأرض بحلمها ووعيها وإدراكها ... تحمل الأوجاع والصدمات فى صمت ، تثق فى قدرتها وقدرها وتداوى جراحها بأغنيات الشوق ، يطوقها الحنين إلى الزوج الغائب ... تنتزع من قوتها الضعف ، تبحث عنه فى كل البلاد ، يحتويها الانتظار ولكنها تلبس ثوب الانتصار فتصلب عودها وتشبك ربيعها فى ذاتها وأيامها .
تشق سماء التاريخ ، لا تبالى بعباءة الليل الدامس ولزمجرة الرياح وستار الخطر ، تثق فى نجاح مهمتها وتجد فى زوجها بعد صراعها مع الاحتضار والأمواج الزمنية المتلاطمة ، تنجب ابتها حوريس وتتحدى به الأقاويل والبشر .
تتأبط الأمل بذراع ثابتة وعيون ثاقبة ... حتى بعد موت زوجها النبيل أوزوريس انكفأت على تربية ابنها حتى صار شاباً يافعاً تلقنه دروس الحياة والقوة حتى انتصر ، واستعاد عرش أبيه من عمه الخائن .
هذه إيزيس المرأة الفرعونية التى تحدت مساحات الزمن فاغتنمت التاريخ .
أخيراً جاء اليوم الذى يلمس فيه الطفل المصرى صفحات أدب أستاذنا الكبير توفيق الحكيم ، ويستوعبه بتبسيطه الجديد الذى يمنحه الثراء ويدخله إلى عالم كتابنا الكبار بإسلوب يتفهم إدراكه ونسيجه الذى يمنحه الوجود من أدب وفكر عبقرى مثل أستاذنا توفيق الحكيم ... فنحن نحيى راعى فكرة التبسيط (الأستاذ الدكتور الفنان مصطفى الرزاز رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة) ونتمنى أن يعمم هذا العمل العظيم لمعظم كتابنا وأدبائنا الكبار ... حتى يتسنى للطفل المصرى أن ينسحب قليلاً من عالم الإعلام المرئى (التلفزيون والانترنت والفيديو) إلى عالم الكتاب ... ويكون له بمثابة الاتجاه الأفضل لحقبة من الزمن ، تتكامل من خلالها رؤيته واتساع أفقه وتنمية قدراته الفكرية بشكل إيجابى فى إطار صور حية متصلة من الماضى إلى الحاضر ... مشرعة نحو مستقبل يبرز مغزى التطور ووعى الطفل لحقيقة تراثه ووطنه وثرائه الفكرى والأدبى
وأخيراً
أشكر كل من أتاح لى فرصة الاشتراك فى فكرة التبسيط ... لقد سعدت جداً بالتجربة وأتمنى أن تكون سفينتى قد وصلت بسلام إلى شواطىء أدب كاتبنا العبقرى (توفيق الحكيم)ـ
(إيمان أحمد يوسف)